واقع العرب في عصلر العولمة

طارق الكركيت

يعتبر مصطلح " العولمة " من أهم وأحدث المفردات التى شاع استخدامها واتسع نطاق تداولها خلال السنوات القليلة الماضية فى مختلف أنحاء العالم, وذلك لارتباطها بالتغيرات العميقة والسريعة التى يجتازها العالم فى الوقت الراهن, سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو التكنولوجية.

وتثير فكرة " العولمة " كثيرا من القضايا التى يدور حولها جدل واسع فى الوقت الحاضر, ولعل أهم هذه القضايا وأشدها إلحاحا هى: هل العالم يعيش حقا فى عصر العولمة أم أن هذه الفكرة لم يتحقق وجودها بعد على أرض ال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]؟ أم أنها مجرد وهم يداعب خيال بعض الكتاب والمفكرين؟ وعلى النطاق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ى يبرز التساؤل حول أهمية العولمة, وما الأسلوب الأمثل للتعامل معها؟ وهل هى فكرة تتسق وتقترب من الأفكار [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية, أم هى محاولة للسيطرة من الغرب, وإبعاد الأفكار والأطروحات [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية عن المنافسة, وجعل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مجرد أداة منفذة للأطروحات الغربية, حتى وإن كان ذلك فيه ضرر بالغ للأطروحات والأفكار العروبية.

ولكننا سنبدأ فى هذا البحث بمحاولة تحديد المصطلح حتى نستطيع أن نتحدث عن شئ واضح المعالم.

إشكالية المصطلح:

لقد تحدث البعض عن " العولمة " باعتبارها ترجمة للأصل الإنجليزى من كلمة "Globalization", وإن كان البعض الآخر قد استخدم ترجمة لنفس الكلمة بمعنى ( الكوكبة ) أو ( الكونية ), وقد تطرق بعض المفكرين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى وصف هذه الظاهرة باسم ( الأمركة ) وعند انتشار هذا المصطلح ظهرت تفسيرات متناقضة له, فهو فى نظر البعض أيديولوجية عدوانية تلقف كافة الأيديولوجيات الأخرى وتلغيها, وهى فى نظر البعض الآخر ظاهرة حضارية إنسانية ديمقراطية تسعى لتكريس حقوق الإنسان, وهى فى رأى فريق ثالث مؤامرة تنفذ باسم النظام العالمى الجديد من أجل السيطرة على العالم, والهيمنة على مقدراته الاقتصادية والسياسية والثقافية, بل هى موجهة ضد الإسلام بشكل خاص, وهى محاولة لتهميش إنسان العالم الثالث بالذات, وإدخاله فى عصر الرق من جديد, وهناك من قال عنها أنها ظاهرة تكنولوجية متقدمة تسعى إلى نقل الأمم من وضع حضارى إلى وضع حضارى آخر أكثر تقدما, وتسعى إلى توحيد الثقافة الإنسانية.

ولكن الكثير اعتبر العولمة طغيان ثقافة عالمية واحدة على الثقافات القومية والمحلية ومحاولة ابتلاعها والحلول محلها, وهى ظاهرة تتداخل فيها أمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع, ويكون الانتماء فيها للعالم كله عبر الحدود السياسية للدول.

والعولمة لفظ له إيحاءات جديدة نشأت فى عالم القطب الواحد, وفى عصر صعود الهيئات العالمية والشركات المتعددة الجنسيات, واكتسابها القدرة على إصدار القرارات النافذة.

والسؤال الذى يتبادر إلى الذهن حينما يبرز مصطلح جديد مثل مصطلح العولمةهو: هل هذا المصطلح هو جديد حقا, أم هو استمرار لمصطلحات أخرى خرج بها علينا المجتمع الغربى فى فترات متباعدة من التاريخ, فى محاولة منه لإحكام السيطرة على دول العالم النامى, وإجهاض محاولات النهضة فى هذه الدول؟

لقد سبق مصطلح العولمة مصطلحات أخرى كثيرة, لعل آخرها مصطلح " النظام العالمى الجديد" الذى بشر به الرئيس الأمريكى "بوش" فى عام 1990 بعد أسبوع واحد من إحتلال العراق للكويت, وظل مصطلح النظام العالمى الجديد تلوكه الألسنة, وتتحدث به كل المنتديات والحلقات النقاشية فى العالم, حتى اكتشف العالم أن هذا المصطلح ما هو إلا شكل من أشكال السيطرة, والرغبة فى إرساء قواعد تسمح للدول الغربية وأمريكا بضرب أعناق الدول المخالفة لتوجهاتهم, وإذلال من يرفض هذا النظام.

ولقد كان أقرب الأمثلة الحية على ذلك ما حدث – وما زال يحدث – لدولة العراق من حصار اقتصادى وسياسى واجتماعى, وما يحدث بها من إفناء لحضارة عاشت طويلا, وكيف يمنع الغذاء والدواء عن الأطفال والنساء, ولم يكن هذا الحصار من أجل إحتلال العراق للكويت, ولكنه من أجل ضرب نموذج للدولة التى تخرج عن النظام العالمى الجديد المزعوم, وكذلك رأينا كيفية خروج البعض عن هذا النظام وعواقب ذلك الخروج, فرأينا الحصار يفرض على الجماهيرية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية الليبية بسبب واهى وهو تسليم المتهمين فى قضية لوكيربى, وكذلك الحصار المفروض على سوريا حتى تلقى السلاح وتوقع معاهدة للسلام مع الكيان الصهيونى.

إن العولمة هى امتداد لكل المصطلحات الغربية السابقة, وكلما ظهر مصطلح غربى وتم إستهلاكه واكتشاف حقيقة أهدافه, سعى الفكر الغربى إلى إستحداث مصطلح جديد فى محاولة منه للسيطرة الفكرية على العالم.

من يقود العولمة؟

ولعل السؤال الذى يطرح نفسه عند ظهور أى مصطلح هو: من هو القطب الذى يدير هذا المصطلح؟ وما هى أهدافه؟ والإجابة على هذا السؤال واضحة الآن, فالولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها تحتل فى هذه المرحلة التاريخية أعلى مراتب النظام العالمى, وهى الدولة الوحيدة التى تنفرد بالتفوق العسكرى – بعد انهيار الاتحاد السوفيتى – والذى يسمح لها بالتدخل فى مختلف أرجاء الأرض, هى الدولة الوحيدة التى يكون من مصلحتها شيوع هذا المصطلح, ويساندها فى ذلك دولا أخرى وشركات ومؤسسات وصل فيها التطور التكنولوجى إلى ذراه, وبرزت قوتها الاقتصادية الكاسحة فى السيطرة على نسبة عالية من الدخل القومى العالمى.

وللعولمة أركانها الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية, وهى الأركان الرئيسية التى ستنشأ عنها بالضرورة آثار تمس أوجه النشاط الإنسانى, ومختلف المجالات التى تتصل بحياة الأمم والشعوب, بما فى ذلك الجوانب النفسية والاجتماعية, وتصل فى النهاية إلى التأثير فى الهوية القومية والشخصية الوطنية لمختلف الأجناس والقوميات.

ومن هنا يكتسب مصطلح "العولمة" خطورته, وصار قلقا لكل القوى السياسية والوطنية فى مختلف البلاد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية الذين يحرصون على معرفة ما سيؤول إليه الأمر بالنسبة لبلادهم, ويخافون على مستقبل بلادهم, وينبع هذا الخوف من إحساسهم بتفوق غيرهم فى تكنولوجيا الفضاء وأدوات المعلومات الحديثة وقوة المؤسسات العلمية, وهذا الخوف مصدره الاعتزاز بالخصوصية الثقافية القومية, والاعتزاز بالتاريخ الثقافى والفنى والسياسى والذى تمتد جذوره إلى آلاف السنين.

نظرة على [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]:

وإلقاء نظرة فاحصة على [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الآن من المهم بمكان إذا أدرنا أن نرسم خريطة يتضح منها موقع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من العولمة, ومدى تأثرهم وتأثيرهم بهذا المصطلح. إن أطوار التغيير السياسى فى الوطن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ى قد تغيرت عبر مراحل متعاقبة من التاريخ, ولكن كانت هناك دائما نظرة من العالم الغربى والولايات المتحدة الأمريكية إلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] باعتبارهم قوة عظمى إذا توحدوا, ولذلك كان الهدف باستمرار ألا يحدث هذا التوحد, وسعت هذه الدول إلى محاولة تفكيك الكيان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ى وتجزئـته, بل تجزئة التجزئة, ونرى – فى الوقت نفسه – أنه للأسف فشلت جميع المحاولات التى قامت بها بعض الدول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية للوحدة, إلى الحد الذى صارت معه الوحدة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية حلم بعيد وصعب المنال, والحادث الآن أن المحاولات الغربية والأمريكية تركز على الانفراد بالدول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية دولة دولة, حتى يمكن إستيعابها ومسح هويتها, وهذا ما نراه ممثلا بشكل صريح فى المفاوضات التى تجرى منذ عام 1993 بين الكيان الصهيونى والدول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية فيما يسمى ( مفاوضات السلام ), فلقد تفاوضوا مع الفلسطينيين بشكل فردى حتى وصلوا إلى إتفاق أوسلو, ثم أتبعوا ذلك بمفاوضات مستقلة مع الأردن, وهم يحاولون عمل ذلك مع سوريا ولبنان, ولكنهم حتى الآن لم يستطيعوا, ونأمل ألا يستطيعوا.

وحينما خرج مصطلح النظام العالمى الجديد, كان أحد المحاولات التى تم توجيهها بشكل خاص إلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لمحاولة دمج [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فى نظام يسعى لوضع ركيزة تتحدث عن توجه الدول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية فرادى إلى هذا النظام دونما النظر إلى بقية الدول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ية, بمعنى النظرة الضيقة للمصلحة المباشرة للدولة, وارتباطها بالغرب وأمريكا, حيث أراد المصطلح التلويح بفكرة أن الارتباط به هو خير من الارتباط بالأشقاء.

ولكن نظرا لسقوط هذا المصطلح وانكشافه, حاول الغرب وأمريكا البحث عن مصطلح جديد يمكن من خلاله احتواء العالم و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط], فكان مصطلح العولمة الذى حاول أن يصور أن الانتماء يجب أن يكون للعالم كله وليس إلى الوطن, وتضع القيم الثقافية العالمية موضع الصدارة بدلا من القيم الثقافية الوطنية أو القومية, الأمر الذى يطرح على الفور إشكالية الخصوصية الحضارية للعرب.

وإذا كانت العولمة تريد سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على كل مناحى الحياة, فإن هناك من يريد الحيلولة دون ذلك, لأن قانون تلك الشركات هو قانون التنافس غير المتكافئ, والذى يسمح للقوى بأن يأكل الضعيف, ولذا نرى اندماج الشركات الكبيرة فيما بينها لمحاولة احتكار حصص أكبر من السوق العالمية, فى حين نرى المبشرون بالعولمة وثقافة "الأمركة" يتمنون أن تنجز العولمة ما عجز خطابهم عن إنجازه من تدمير المجتمع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ى والإسلامى, وإعادة بناء هذه المجتمعات من جديد على النمط الغربى.

هل يقبل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] "العولمة"؟

فى إطار ما تحدثنا به عن مفهموم العولمة فليس أمامنا من سبيل للمواجهة إلا سبيل رفض قيم العولمة, لأنها تصب فى إطار فرض الهيمنة الغربية على شعوب العالم, فما المقصود بالعولمة إلا ( تغريب ) العالم إذا جاز لنا التعبير, وتحويله إلى النمط الغربى, وجعل شعوبه شعوبا ماسخة لا هوية لها ولا استقلال, فلا هى حافظت على أصالتها ودافعت عن قيمها الثقافية وهويتها الحضارية وتمسكت بها, ولا هى بقادرة على أن تكون غربية كالغربيين.

ورفض قيم العولمة الغربية ليس مجرد كلام نقوله وكفى, بل ينبغى أن يتحول إلى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] يبدو فى مخططاتنا الثقافية والاقتصادية والسياسية, إن قوة أى أمة إنما تنبع من داخلها ومن إعادة البناء الذاتى لثقافتها واقتصادها, وليس بالاعتماد على الآخر, خاصة إذا كان هذا الآخر هو " الغرب", فالتاريخ العام للحضارات والشعوب يؤكد أن الاعتماد على الغرب لبناء الذات هو محض خرافة, وعلينا إذا ما أردنا أن ننجو بأنفسنا قبل فوات الأوان أن نعيد بناء الذات, وذلك باستعارة قيمنا الدينية والاجتماعية والاقتصادية, وإعادة بناء قوتنا الاقتصادية والسياسية والعسكرية على أسس سليمة

تقبلى مرورى

» من واقع فلسطين الحبيبة
» نفط العرب
» حال العرب.......
» مكتبتى بها صور عن كل مناطق بفلسطين بلد كل العرب صور تشاهدها هنا فقط